عندما تسلم زين الدين زيدان، قيادة ريال مدريد الإسباني، خلفا لرافائيل بينيتز، شكك العديد من المحللين في قدرة النجم الفرنسي السابق، التي تجري في عروقه الدماء الجزائرية، على قيادة فريق بحجم الملكي، بخبرة تدريبة متواضعة، وعدم قيادته لأي فريق كبير كمدير فني، خاصة وأن البداية كانت للتخلص من آثار بينيتز الذي عبث في تاريخ الملكي، ووصل به إلى مستوى لا يسر عشاق الميرينجي.
زيدان، كان قادما لتوه من قيادة الفريق الرديف لريال مدريد، والذي حقق معه إنجازات مميزة، وقبلها كان مساعدا للإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي، ورفع معه كأس الأبطال، قبل أن يفضل العودة للفريق الرديف، على قيادة الفريق الملكي بعد رحيل أنشيلوتي، إيمانا منه بضرورة صقل خبراته والتعلم أكثر قبل حمل مسؤولية كبيرة مثل الجلوس على مقعد الإدارة الفنية لواحد من أكبر فرق الكرة العالمية.
قرار زيدان بتسلم الدفة الفنية للفريق، جاء بناء على إصرار رئيس النادي فلورينتو بيريز، ليتسلم مهمة الإنقاذ، بعد أن خرج الفريق من كأس الملك بسبب خطأ تقني، ومن ثم العودة لليجا التي كان يبتعد فيها عن الغريم برشلونة، قبل أن يختصر الفارق لنقطة وحيدة في نهاية المشوار، ويعود لدوري الأبطال محققا اللقب الأول الذي رفع كأسه بعد شهور قليلة من تسلم المهمة.
بداية الموسم الحالي، بدأت شخصية زيدان أكثر وضوحا، وهو يحول الفريق، من فريق النجوم المحدودة، إلى كتيبة متكاملة من النجوم داخل الملعب وعلى مقاعد الاحتياطيين، من خلال منح أكثر من لاعب الثقة مثل اسينسيو وكوفازيتش، واستعادة موراتا، وتوظيف مركز إيسكو، والبدء بإراحة كريستيانو بشكل منتظم لتخفيف الضغط عنه، واستخدامه لأطول فترة ممكنة في المناسبات الحاسمة، وهو ما حدث في ختام الليجا ، وفي الادوار النهائية لدوري الأبطال.
لم يكتف زيدان برفع عدد اللاعبين وزيادة نجوميتهم، بل وفرض فكره الهجومي على الملكي، وحول اللاعبين جميعا باستثناء الحارس كيلور نافاس إلى مهاجمين، فسجل راموس، وكاسيميرو وكارفاخال ودانيلو ومارسيلو، كما هو الحال بالنسبة لبقية المهاجمين، وبات خط الوسط الذي يرتكز على قدرات مودريتش وتوني كروس مصدر الخطر الدائم على الخصوم، ولم يؤثر غياب جاريث بيل الطويل عن الملاعب بسبب الإصابة على المنظومة الهجومية، بوجود إيسكو وأسينسيو ولوكاس فاسكيز، والذين شكلوا سندا كبيرة للمهاجمين الصريحين كريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة، فيما اكتفى زيدان بمنح هداف كأس العالم خاميس رودريجيز دور البديل للثلاثي الهجومي، دون الاعتماد عليه كلاعب أساسي.
فلسفة زيدان، اقتلعت مرمى حارس يوفنتوس بوفون، وألحقت به أكبر أضرار في تاريخ الفريق الحديث، وذلك بتسجيل 4 أهداف جعلت نهائي دوري الأبطال مجرد حصة تدريبية للملكي، الذي ألحق الخسارة الأولى بيوفنتوس في دوري الأبطال للموسم الحالي، وسجل 4 أهداف هي أكثر بهدف من مجموع ما تلقته شباك بوفون في البطولة بأسرها، وهو ما يدل على رجاحة تفكير زيدان، ورؤيته الهجومية التي ستكون درسا ونموذجا لجميع المدربين الطامحين بالفوز، بعيدا عن التكتيكات الدفاعية المملة.
في النهاية، فرض زيدان فلسفته، فكانت مكافأته التربع على عرش مدربي العالم بتحقيق رقم قياسي إعجازي بالفوز بلقبي دوري الأبطال في أقل من عامين، ومعهما لقب الليجا وكأس العالم للأندية والسوبر الأوروبي، وما زال الطريق في أوله.
Post a Comment